” توتا أبسلوتا ” تضرب محصول الطماطم في الكويت

أصابت حشرة “توتا ابسلوتا” ثمار الطماطم في الكثير من مزارع العبدلي والوفرة اصابة شديدة اثرت على نوعيتها, وفق احاديث بعض المزارعين ومشاهدات “السياسة” على مدار الاسابيع القليلة الماضية في المناطق الزراعية.
ففي مزرعة د.يوسف عبدالرحمن الصفران في العبدلي استفحل خطر هذه الحشرة المدمرة لمحاصيل العائلة الباذنجانية من طماطم وباذنجان وبطاطا, رغم كل الجهود المبذولة للحد من خطورتها. الاسباب كثيرة كما يقول المزارع د.الصفران, اهمها عدم توافر المبيد لهذه الحشرة المؤذية وعدم توافر العمالة الزراعية, لقطف اوراق النباتات المصابة والتخلص منها قبل انتقال الحشرة المدمرة منها الى الثمرة.
واوضح ان هذه الحشرة جديدة في مزارع الكويت إذ لا يتعدى عمرها ثلاث سنوات, ويبدو انها وصلت الينا في صناديق الخضار والفاكهة الواردة الى الكويت من كل حدب وصوب, ودعا المزارعين الى تجنب استخدام الصناديق القديمة لتعبئة منتجاتهم المحلية الطازجة.
وتنتقل الحشرة من الحقول المزروعة المكشوفة بعد انتهائها صيفا الى البيوت والشبرات والمجمعات الزراعية المبردة لتتكاثر بسرعة رهيبة, علما بأن الحر الشديد يقتلها في الحقول المكشوفة صيفا, فتهرب الى داخل البيوت الخضراء المبردة.
ويبدأ خراب هذه الحشرة بإصابة اوراق النباتات الخضراء, ثم بإصابة الثمرة ذاتها, فتشوهها وتتلفها, الامر الذي يؤثر بالسلب على تسويقها بأسعار مربحة.
ويتابع د.الصفران: بالنسبة لمزرعتنا الكائنة في العبدلي فقد لحقتنا خسارة مادية كبيرة, لأن اصابة الحشرة كانت في محصول الطماطم وهو المحصول الرئيسي في عدة مجمعات زراعية حديثة مبردة اقمناها مشاركة بيننا وبين محفظة التمويل الزراعي التابعة لوزارة المالية في الكويت منذ نحو خمس سنوات, خاتما بسؤال اشبه بصرخة: ماذا نفعل? افيدونا!

أين المبيد الناجع?!

وفي منطقة الوفرة الزراعية بأقصى جنوب الكويت لا يقل تأثير اصابة حشرة توتا ابسلوتا على الثمار بوجه عام والطماطم بوجه خاص عن التأثير في منطقة العبدلي الزراعية بأقصى شمال الكويت. ففي مزرعة جدعان الجويسري اتت حشرة توتا ابسلوتا على الكثير من نباتات الطماطم المزروعة فيها زراعة محمية مبردة, رغم التنويع في استخدام المبيدات الحشرية من وقت لآخر لمنع الحشرة من التكيف والتأقلم مع مبيد واحد وفق ما يفيد زيد ابن المزارع جدعان الجويسري.
ودعا المزارع الجويسري رجال الارشاد الزراعي ورجال الوقاية والمكافحة في هيئة الزراعة الى التحرك السريع في مجال اوسع, للقضاء على هذه الحشرة المدمرة او الحد من خطورتها على الاقل, فنحن نرى خطورتها تستفحل في عدد متزايد من المزارع الكويتية في الشمال والجنوب وتضرب محاصيلها المزروعة في الحقول شتاء والمزروعة في البيوت المبردة صيفا فإلى متى والى اين?

مكافحة جماعية

المزارع محمد المطيري في الوفرة يؤكد على التأثير السيئ لانتشار حشرة توتا ابسلوتا في انتاج الطماطم, لكنه يجد ان هذا التأثير محدود ولا يشمل كل ثمار الطماطم في كل شبراتها المغلقة فقد كان ولا يزال يطرح في الاسواق المحلية وقت زيارتنا لمزرعته يوم السبت الماضي اكثر من 1500 صندوق طماطم زنة الواحد خمسة كيلوغرامات تباع بأسعار مناسبة عبر سوق الفرضة في الصليبية وسوق اتحاد المزارعين في الاندلس.
ويقول: ان هيئة الزراعة لم تقصر في مجال وقاية النباتات ومكافحتها في المناطق الزراعية, فرجالها وبإيعاز من كبار مسؤوليها كالمهندس جاسم البدر والمهندسة نبيلة العلي والمهندس فيصل الصديقي, يقومون بواجبهم في هذا المجال وغيره من المجالات الزراعية على اكمل وجه, والابحاث العلمية داخل الكويت وخارجها مستمرة في سعيها لإيجاد مبيد ناجع وفاعل يقضي على حشرة توتا ابسلوتا.
ويقول: حتى يتم توفير هذا المبيد نقوم وبتوجيه من مهندسين زراعيين اكفاء في هيئة الزراعة وفي الشركة الزراعية الكبرى التي نتعامل معها برش هذه الحشرة الخبيثة بأنواع مختلفة من الادوية والمبيدات الكيماوية فنحد من خطورتها كثيرا, والدليل نوعية الطماطم الجيدة التي ننتجها وكمياتها الكبيرة!
كما تقوم هيئة الزراعة بتوفير مصائد الحشرات الحديثة التي تعمل ليل نهار داخل البيوت الزراعية وهي مصائد فعالة تحد من تكاثر الآفات, اذ تصدر المصيدة هرمونا جنسيا جاذبا للذكر من دون ان تكون هناك انثاه الحقيقية او الطبيعية, فيغرق في الماء ويموت, ومن دون تلقيح للأنثى لا يكون هناك تكاثر, ناهيك عن اللوائح الصفراء اللاصقة التي تستخدم لمكافحة حشرة الذبابة البيضاء شديدة الخطورة, فما ان تحط عليها حتى تلتصق بها وتموت, وللعلم فإن حشرة الذبابة البيضاء لا تقل خطورة عن حشرة توتا ابسلوتا.
هذا كل ما هو مستطاع حتى الآن في مكافحة توتا ابسلوتا الضارة, والتي يشكل تفشيها كارثة طبيعية بمحصول الطماطم الرئيسي في الكويت معظم شهور الشتاء وقليلا من شهور الصيف, لكنها وحسبما ارى واشاهد لم تتفش ولم تصل الى حد الوباء, وهنا اهيب بالاخوة المزارعين ان يلتزم كل واحد منهم بالرش المبرمج حسب خطة موضوعة بالتعاون مع مختصين بالشأن الزراعي في هيئة الزراعة او الشركات والاتحادات والجمعيات الزراعية الشهيرة, فالأمر يتطلب وقفة جماعية للمزارعين من هذه الحشرة او تلك من الحشرات التي كثرت في السنوات الاخيرة في مزارع الكويت للأسف الشديد.

التعقيم الشمسي

المزارع المكثر انتاجا وتسويقا على مستوى الكويت فيصل الدماك يدلي بدلوه حول مشكلة زيادة الآفات والامراض النباتية والترابية في مزارع الكويت في السنوات الاخيرة, فيؤكد انتشار حشرة “توتا ابسلوتا” الخطرة في الكثير من مزارع الوفرة والعبدلي, لكنه يقول انها تحت السيطرة في المناطق الزراعية في الوفرة والعبدلي “والفضل لجهود قسم الوقاية في هيئة الزراعة برئاسة الباحثة امل عبدالكريم, وجهود بعض شركاتنا الزراعية الكبرى, وحرص معظم المزارعين على استخدام المصائد (الفيرمونات) الجنسية الجاذبة لكل من الذكر او الانثى, خصوصا قبل تكاثر الحشرة داخل البيوت والشبرات والمجمعات الزراعية التي تجد فيها بيئة مناسبة للتكاثر صيفا بعد هروبها من الحقول الحارة”, فهذه الحشرة مثل معظم الحشرات يقتلها الحر الشديد ويحييها الجو المعتدل البرودة السائد في البيوت الخضراء صيفا, وطالما توجد هذه البيوت, توجد هذه الحشرة المدمرة للثمار بوجه عام وثمار الطماطم بوجه خاص.
وقال الدماك: لأن الوقاية خير من العلاج فمن سبل الوقاية استخدام مصائد الفرمونات لقتل توتا ابسلوتا وتعقيم البيوت الزراعية بالشمس الحارة صيفا – تحديدا من اول يوليو حتى منتصف اغسطس – قتل ديدان “النيماتودا” وتعريض تربتها للشمس الحارة وعدم زراعتها مع استخدام البلاستيك وحقن الماء المغلي في التربة المصابة لقتل ديدان النيماتودا, وكذلك استخدام الصفائح الصفراء لصيد الذبابة البيضاء, كل ذلك قبل او مع بداية انتشار الحشرات والديدان, لكن بعد انتشارها تجدها تستوطن المزرعة ولا تغادرها بالمرة, بل وتنتقل الى مزرعة اخرى, وهكذا حتى يعم وباؤها في المنطقة الزراعية كلها!
لذا, فنحن نطالب كما يطالب غيرنا هنا بأن تكون المقاومة او المكافحة جماعية لا فردية, كي تحقق الغاية المرجوة منها وهي نظافة المزارع وخلوها من الآفات والحشرات والديدان والامراض الخطرة!